الفصل الثالث: العلاقة بين تنمية المجتمع وتنظيم المجتمع
دليل تفاعلي لاستكشاف أوجه التشابه، الفروق، ورؤى تطبيقية في تنمية وتنظيم المجتمع.
مقدمة: فهم العلاقة بين تنمية وتنظيم المجتمع
يؤكد الفصل على وجود ارتباط وثيق وقوي بين مفهومي **تنمية المجتمع** و**تنظيم المجتمع**، لدرجة أن البعض قد ينظر إليهما كعملية واحدة. هذا الخلط يعود بشكل أساسي إلى التداخل الكبير في العمليات والممارسات التي تتم في كل منهما، مما يجعل التفرقة بينهما أحيانًا أمرًا صعبًا وغير ملموس.
من خلال هذا الدليل، سنسعى لتوضيح هذه العلاقة المعقدة، وتحديد نقاط التشابه والاختلاف بشكل منهجي، واستعراض أهمية هذه المفاهيم في سياق الخدمة الاجتماعية التنموية.
أهداف هذا الدليل (المستوحاة من الفصل):
- تحديد العمليات المتشابهة بين تنمية المجتمع وتنظيم المجتمع.
- فهم الفروق الجوهرية بين المفهومين من حيث النطاق، المسؤولية، الموارد، والأهداف.
- استيعاب طبيعة العلاقة التكاملية بين الطريقتين.
- التعرف على رؤية "المدخل التنموي" وأهميته للمجتمعات النامية.
- استكشاف مفهوم تنمية المجتمع المحلي، أهدافه، ومراحل استمراريته.
أولاً: أهم العمليات المتشابهة
على الرغم من وجود فروق بينهما، يتشارك كل من تنمية المجتمع وتنظيم المجتمع في مجموعة من العمليات الأساسية التي تشكل جوهر الممارسة في كليهما. هذا التشابه هو السبب الرئيسي للنظر إليهما أحيانًا كوجهين لعملة واحدة.
1. التعرف على المجتمع
جمع المعلومات ودراسة الواقع المحلي لفهم طبيعته وخصائصه.
2. تحديد القادة المحليين
التعرف على الشخصيات المؤثرة والقادرة على حشد الجهود.
3. استثارة الأهالي
تحفيز السكان لإدراك مشكلاتهم ومناقشتها وتحديد أولوياتها.
4. تقوية الثقة بالنفس
تشجيع الأهالي على مواجهة المشكلات من خلال تعزيز ثقتهم بقدراتهم.
5. وضع خطط العمل
تصميم برامج عمل تعتمد على المواءمة بين الموارد المتاحة واحتياجات المجتمع.
6. التعليم والتوعية
التركيز على مساعدة الأهالي لزيادة قدرتهم على الاعتماد على أنفسهم.
ثانياً: أهم الفروق بين تنمية المجتمع وتنظيم المجتمع
على الرغم من التشابه في العمليات، توجد فروقات جوهرية تميز كل مفهوم عن الآخر، وتساعد في تحديد نطاق ودور كل منهما بشكل أدق.
وجه المقارنة | تنمية المجتمع (عملية شاملة) | تنظيم المجتمع (طريقة مهنية) |
---|---|---|
الطبيعة | عملية تشمل كل الميادين (صناعي، زراعي، صحي) بمشاركة كل القوى العاملة. | طريقة أساسية لمهنة الخدمة الاجتماعية يمارسها أخصائيون متخصصون. |
المستوى | تمارس عادة على **المستوى القومي**. | تمارس غالبًا على **المستويات المحلية**. |
السياق | يكثر تطبيقها في المجتمعات **النامية أو الزراعية**. | يكثر تطبيقها في المجتمعات **المتقدمة أو الصناعية**. |
المسؤولية | العبء الأكبر يقع على **المؤسسات الحكومية** وتدخل الدولة ضروري. | العبء الأكبر يقع على **الجهود والمؤسسات الأهلية**. |
الموارد | تعتمد غالبًا على **مساعدات خارجية** بالإضافة للجهود الداخلية. | تعتمد غالبًا على استثمار **الموارد الذاتية** للمجتمع. |
التخطيط | يعتمد على **فنيين متخصصين** بشكل أساسي. | **يشترك السكان** مع الأخصائيين في وضع الخطة بشكل ضروري. |
الأولوية | تعطي أهمية كبرى **للتغير المادي** (مشاريع، بنى تحتية). | تعطي أهمية كبرى **للتغير الاجتماعي** (سلوكيات، علاقات، مهارات). |
ثالثاً: طبيعة العلاقة بين تنظيم المجتمع وتنمية المجتمع
العلاقة بين المفهومين ليست تنافسية بل هي علاقة تكاملية. يمكن فهمها من خلال النقاط التالية:
1. التنمية كمجالات عمل:
تنمية المجتمع هي مجموعة من مجالات العمل (تعليمية, صحية, زراعية, اجتماعية, ثقافية, عمرانية, اقتصادية).
2. التنظيم كفلسفة وتقنية:
فلسفة وتقنية وأهداف تنمية المجتمع هي في الواقع نفس فلسفة وتقنية وأهداف طريقة تنظيم المجتمع.
3. التنظيم كأداة تنسيق:
لتحقيق تكامل عناصر التنمية، نحتاج إلى تخصص ينسق بين كل المهن العاملة في مجالات التنمية. طريقة تنظيم المجتمع هي الأقدر على تحقيق هذا الهدف لأن نظامها التقني مصمم لأغراض التخطيط والتنسيق والتكامل.
4. البُعد الاجتماعي للتنمية:
كل عنصر من عناصر التنمية له جانب اجتماعي (فمحو الأمية ليس عملية تعليمية فقط). لذلك، يفرض تنظيم المجتمع نفسه كتخصص علمي على جميع التخصصات العاملة في مجالات تنمية المجتمع.
رابعاً: رؤية لأهمية المدخل التنموي لتنظيم المجتمع (رؤية د. عبد الخالق عفيفي)
ينتقد الفصل اقتباس النموذج الأمريكي للخدمة الاجتماعية كما هو، لأنه مصمم لمجتمعات الرفاهية. ويدعو إلى تطويعه ليناسب واقع مجتمعاتنا النامية الفقيرة التي تسعى جاهدة لتحقيق التنمية الشاملة.
- يجب أن تكون **الخدمة الاجتماعية تنموية** في كافة أنشطتها.
- **طريقة تنظيم المجتمع هي الأنسب لقيادة الدور المهني** لتحقيق أهداف التنمية.
- يجب الاعتماد على **نظريات التنمية والتغير الاجتماعي** المناسبة للمجتمع النامي.
- افتقادنا لمؤسسات متخصصة يجب اعتباره **نقطة إيجابية للبدء من الصفر** وبناء تنظيم مجتمع تنموي يتفاعل مع الواقع، بدلاً من اليأس أو الإحباط.
- يمكن لتنظيم المجتمع التنموي أن يتعامل مع قضايا المجتمع (التضخم السكاني، الأمية، الإسكان، البطالة) من خلال وضوح الأهداف وصياغة أساليب عمل واقعية.
خامساً: تنمية المجتمع المحلي
هي العملية التي يقوم بها المجتمع لتحديد مشكلاته ثم اتخاذ إجراءات لحلها، مع التركيز على المشاركة الفعالة للسكان وحقهم في تقرير المصير.
أ) عملية ذاتية:
يقوم بها المجتمع بنفسه. تتميز بأنها مقبولة من السكان وتنمي الاعتماد على النفس، ولكن يعيبها أنها قد تكون بطيئة، مؤقتة، وتفتقر للخبرة.
ب) عملية بوجود مؤثر خارجي:
تتم بتدخل جهة خارجية (كالمنظم الاجتماعي). تتميز بتوفير الخبرات وضمان الاستمرارية، ولكن قد تؤدي للاعتماد على الخارج.
**الحل الأمثل:** هو الجمع بين النوعين، بحيث يتم تدعيم الجهود الذاتية بمعونة خارجية منظمة.
- أهداف الإنجاز (مادية): تحقيق منجزات مادية مثل ردم البرك، بناء مدارس، توفير خدمات.
- الأهداف المعنوية (العملية): إحداث تغييرات إيجابية في سلوكيات ومهارات ومعارف سكان المجتمع، وتنمية روح التعاون لديهم.
- المرحلة المبدئية: تبدأ بحذر وبطء بسبب تشكك المجتمع في قدراته.
- مرحلة الانطلاق: يبدأ المجتمع في اكتساب الثقة وتجاوز العوائق وتزداد المشاركة.
- مرحلة النهاية الجزئية: عند تحقيق هدف، مما يولد دافعًا للبدء في أهداف جديدة.
- مرحلة القيمة المضافة: مع تتابع النجاحات، تصبح عملية التنمية قيمة لدى المجتمع.
- مرحلة الهبوط: قد يحدث هبوط تدريجي بسبب الملل، أو الإحباط، أو النزاعات.
- مرحلة الإحياء: بمساعدة مهنية، يحاول المجتمع إيقاف الهبوط وإعادة دوران العملية.
يعتبر مدخل "العمل مع الجماعات" أساسيًا، خاصة "جماعات العمل" التي تتشكل لممارسة التنمية. وتعتبر هذه الجماعات هي الوحدة الأساسية التي يتعامل معها المنظم الاجتماعي.
خصائص جماعات العمل:
- صغيرة الحجم.
- هدفها نوعي ومحدد.
- عضويتها اختيارية ومناخ عملها غير رسمي.
- نفوذها الحقيقي لدى قادتها الطبيعيين.
اختبر فهمك: أسئلة حول تنمية وتنظيم المجتمع
هذا الاختبار التفاعلي يساعدك على تقييم مدى استيعابك للمفاهيم الأساسية التي تمت مناقشتها. يتضمن الاختبار 50 سؤالًا متنوعًا بين الاختيار من متعدد والصح والخطأ.